#1
|
||||||||
|
||||||||
رسول الله وزرع الصبر في قلوب المؤمنين
كانت السمة الواضحة لصحابة رسول الله إزاء الاضطهاد إلا الصبر، فما الذي دفعهم إلى تحمل بطش المشركين لهم؟ وما الوسائل التى استخدمها الرسول؟ رسول الله وزرع الصبر في قلوب المؤمنين
المستضعفون في مكة لم يكن أمام صحابة رسول الله (صلَّ الله عليهِ و سلَّم) إزاء تعذيبهم من قبل أهل مكة إلا الصبر وتحمل الاضطهاد في سبيل الله عزَّ و جلَّ، وكانت هذه هي السمة الواضحة المميزة لهم. فلم يأمر رسول الله (صلَّ الله عليهِ و سلَّم) المؤمنين بأن يردوا عن أنفسهم ذلك الأمر؛ وذلك لأنه كان هناك نص صريح من الله عزَّ و جلَّ؛ حيث كان قد نزل قوله تعالى: {وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ} [الحجر: 94]. المشركون يُعذِّبون ويشرِّدون ويذبِّحون، والمسلمون صابرون صامدون، أُمروا ألاّ يردوا إيذاءً، ولا يحملوا سلاحًا، ولا يرفعوا ضيمًا، ولا يكسروا صنمًا، ولا مجرد أن يسبُّوا مشركًا؛ فقد قال عزَّ و جلَّ: {وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 108]. فقد قُتل ياسر وقُتلت سمية رضي الله عنهما، وكان رسول (صلَّ الله عليهِ و سلَّم) يمر عليهم وهم يعذبون، فكان يكتفي بقوله: "صَبْرًا آلَ يَاسِرٍ، فَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْجَنَّةُ". ذكره الحاكم في مستدركه عن ابن إسحاق. لم يمسك رسول الله (صلَّ الله عليهِ و سلَّم) بيد أبي جهل، ولم يجمع الصحابة كي يقوموا بثورة في مكة، ولم يتربص بأبي جهل ليقتله غيلة، وإنما فقط "صَبْرًا آلَ يَاسِرٍ، فَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْجَنَّةُ". وسائل زرع الصبر في قلوب المؤمنين والسؤال المهم الآن هو: كيف تَعَلّم الصحابة الصبر على هذا التعذيب؟! وما الأسلوب الرباني والهَدْي النبوي في جعل الصحابة قادرين على تحمل الأذى؟ كيف صبروا على الصَّلْب والجَلْد والحرق، مع أنهم ومثل كل البشر جسد وعظم ودم وروح ليس إلا؟! كيف نستطيع أن نصبر صبرهم إذا كنا في نفس حالهم وموقفهم؟ وما الوسائل التربوية التي ترتقي بالمؤمن إلى درجة يستهين فيها تمامًا بتعذيب المجرمين له؟ فمن المؤكد أنه كان هناك وسائل كثيرة قد اتُّبعت في سبيل الوصول إلى هذا الهدف، ومن هذه الوسائل وتلك الطرق -فيما يبدو لي- ما يلي: الوسيلة الأولى: تعظيم قدر الله تعظيم قدر الله تعالىفإن من عظُم قدر الله عزَّ و جلَّ في قلبه فمن غير الممكن أن يهمّه أي ألم قد يمر به، ومن هنا تحدث القرآن المكي كثيرًا على تعظيم قدر الله عزَّ و جلَّ، فتحدث عن صفاته i، وجبروته وعظمته وقدرته. تحدث القرآن عن أن الله عزَّ و جلَّ بيده كل شيء، وأنه لو كان سيصيبك بضرٍّ فلا بد أن يصيبك، ولو اجتمع أهل الأرض آنذاك لحمايتك فلن ينفعوك، وعلى العكس من ذلك فلو أراد الله عزَّ و جلَّ لك رحمة فلا بد أن تحصل لك، حتى ولو اجتمع أهل الأرض على أن يمنعوها عنك. يقول عزَّ و جلَّ في سورة الأنعام، وهي مما نزل في مكة: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الأنعام: 17]. فمن يصدق بهذه الكلمات سيعلم أن نصيبه من الألم لن يفوته، وأنه سيأخذه حتمًا ولا محالة؛ لأن الله عزَّ و جلَّ هو الذي أراد أن يقع ذلك الألم، يقول تعالى: {وَهُوَ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُ} [الأنعام: 18]. وقد كتب الله على كل منا نصيبه من الألم، سواءٌ أكان ظالمًا أم مظلومًا، وسواء أكان كافرًا أم مؤمنًا، وإن لم يأخذ نصيبه هذا تعذيبًا في سبيل الله، فحتمًا سيأخذه شيئًا آخر، كمرض أو هَمٍّ أو غيره، يقول تعالى: {قَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} [البلد: 4]. ومن الممكن أن يكون نصيبه من الألم معنويًّا، وأحيانًا يكون هذا الألم المعنوي أشد بكثير من الألم المادي، كمن أصيب -مثلاً- بولد فاشل، أو مدمن للمخدرات، أو لص، أو عاق لوالديه، أو معدوم التربية والأخلاق. أو من أصيب بزوجة وقد جعلت حياته ضنكًا وجحيمًا لا يطاق، حتى وإن كان يُظهر أمام الناس أنه سعيد أو ممكّن في الأرض، فكل الناس يشعرون بالألم، يقول تعالى: {إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 104]. للمزيد من مواضيعي
الموضوع الأصلي :
رسول الله وزرع الصبر في قلوب المؤمنين
-||-
المصدر :
منتديات آهات القلوب
-||-
الكاتب :
غنج الورد
آلزهراني
نورت توقيعي |
12-18-2024, 10:44 PM | #8 |
|
|
آلزهراني
نورت توقيعي |
12-18-2024, 10:44 PM | #9 |
|
|
آلزهراني
نورت توقيعي |
12-18-2024, 10:45 PM | #10 |
|
|
آلزهراني
نورت توقيعي |
|
|