|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||||
|
||||||||||
تفسير قوله تعالى: ﴿ وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِ
تفسير قوله تعالى:
﴿ وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ﴾ قوله تعالى: ﴿ وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ﴾ [البقرة: 78] ذكر في الآيات السابقة حال فريق من أهل الكتاب، وهم الذين يسمعون كلام ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وفهموه وهم يعلمون، وفي هذه الآية ذكر الفريق الثاني المقابل لذلك وهم الأميون الجهلة الذين لا يعلمون الكتاب، ويتكلمون بالظن وبلا علم، ففريق عرفوا الحق وحرفوه وتركوه، وفرق جهلة لم يعرفوا الحق، فكيف يطمع في إيمانهم؟! قوله: ﴿ وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ ﴾ معطوف على قوله: ﴿ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ... ﴾ [البقرة: 75] عطف الحال على الحال. أي: ومن أهل الكتاب، أي بعضهم وفريق منهم. ﴿ أُمِّيُّونَ ﴾: جمع أمّي، وهو من لا يكتب ولا يقرأ، كما قال صلى الله عليه وسلم: "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب"[1]. وقال تعالى في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ ﴾ [الأعراف: 157]، وقال تعالى في وصف العرب: ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ ﴾ [الجمعة: 2]. وسمي من لا يكتب ولا يقرأ بالأمي نسبة إلى أمه، أي: إلى الحالة التي فارق عليها أمه حين خرج من بطنها، وهي الجهالة، أو نسبة إلى الأمة وهي عامة الناس، فهو يرادف "العامي". ﴿ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ ﴾؛ أي: لا يعرفون الكتاب ولا يفقهونه، ولا يدرون ما فيه، والمراد بالكتاب "التوراة" و"ال" فيه للعهد. و"الكتاب" بمعنى المكتوب؛ لأن التوراة مكتوبة في ألواح، كتبها الله عز وجل بيده، كما قال تعالى: ﴿ وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ ﴾ [الأعراف: 145]، وفي الحديث: "وكتب لك التوراة بيده"[2]. ﴿ إِلَّا أَمَانِيَّ ﴾ قرأ أبو جعفر: "أماني" بتخفيف الياء، وقرأ الباقون بتشديدها: "أمانيَّ". والاستثناء منقطع، أي: إلا علم أماني. و"الأماني" جمع "أمنية" وهي التلاوة والقراءة، ومنه قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ﴾ [الحج: 52]. قال حسان بن ثابت رضي الله عنه[3] في رثائه لعثمان رضي الله عنه: تمنى كتاب الله أول ليله وآخره لاقى حمام المقادر والمعنى: ومن أهل الكتاب أميون لا يعلمون التوراة إلا قراءة دون فهم وفقه للمعنى، فهم بحكم من لا يقرأ ولا يكتب، وبحكم العوام، وليسوا من أهل العلم، وإن تمنوا ذلك وزعموه؛ ولهذا قال: ﴿ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ﴾. وفي هذا ذم لليهود في كونهم يقرؤون الكتاب مجرد قراءة بلا فهم للمعنى، كما أن فيه ذمًا لمن سلك مسلكهم من هذه الأمة في قراءة القرآن بلا فهم ولا تدبر، كما قال تعالى: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 82]، وقال تعالى: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 24]، وقال تعالى: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29]. ولهذا لما ذكر عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه يختم القرآن في كل ليلة، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "اقرأ القرآن في كل شهر، فلما قال: إني أطيق أكثر من ذلك، قال له: اقرأه في كل سبع ليال"[4]، وفي رواية: فقال: "اقرأ القرآن في كل شهر، قال: إني أطيق أكثر، فما زال حتى قال: في ثلاث"[5]. ﴿ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ﴾، الواو: عاطفة، و"إن" نافية بمعنى: "ما"، "إلا": أداة حصر، أي: ما هم إلا يظنون، وذلك لعدم فهمهم المعنى، فليس عندهم إلا الظن: وهو الوهم والشك والقول بلا علم، والمعنى: ما هم إلا يتخرصون ويقولون بلا علم، كما قال تعالى: ﴿ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ﴾ [النجم: 28]. والقول بالظن والحكم به محرم لا يجوز، قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾ [الحجرات: 12]، وفي الحديث "إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث"[6]. وما وقع كثير من الخوارج فيما وقعوا فيه من التكفير والخروج على أئمة الإسلام واستباحة دماء المسلمين، منذ عهد الخلافة الراشدة إلى يومنا هذا، ممن قال عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم: "يقرؤون القرآن ولا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية"[7] إلا بسبب الظن والجهل، وعدم العلم والفهم لكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. [1] أخرجه البخاري في الصوم (1913)، ومسلم في الصيام (1080)، والنسائي في الصوم (2140)، وأبوداود في الصوم (2319) - من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. [2] أخرجه مسلم في القدر (2652)، وأبو داود في السنة (4701) وابن ماجه في المقدمة (80)- من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. [3] انظر: "البحر المحيط" 7 /527. [4] أخرجه البخاري في فضائل القرآن (5052)- من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه. [5] أخرجها البخاري في الصوم (1978). [6] أخرجه البخاري في النكاح (5144)، ومسلم في البر والصلة (2563)، والترمذي في البر والصلة (1988)- من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. [7] أخرجه البخاري في المناقب (3610)، ومسلم في الزكاة (1064)، وأبو داود في السنة (4764)، والنسائي في الزكاة (2578) عن حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. الألوكة للمزيد من مواضيعي
الموضوع الأصلي :
تفسير قوله تعالى: ﴿ وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِ
-||-
المصدر :
منتديات آهات القلوب
-||-
الكاتب :
فنتآستكـ
|
|
|
|