العودة   منتديات آهات القلوب > عـآم > ✿بشآئر النور

-==(( الأفضل خلال اليوم ))==-
أفضل مشارك : نـآي
أفضل مشارك
بيانات نـآي
اللقب
المشاركات 3636
النقاط 303

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 12-06-2021, 11:44 PM
العهود
العهود غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 14
 تاريخ التسجيل : Aug 2021
 فترة الأقامة : 1001 يوم
 أخر زيارة : 07-24-2022 (05:19 PM)
 المشاركات : 2,232 [ + ]
 التقييم : 27
 معدل التقييم : العهود is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي هداية القرآن: الموانع والأسباب



هداية القرآن: الموانع والأسباب



فمن المعلوم أن الله أنزل القرآن على عبده ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم لهدف هو من أسمى الأهداف، ولغاية هي من أشرف الغايات، ألا وهي هداية الناس أجمعين، وإخراجهم مما هم فيه من الظلمات إلى النور، وليرشدهم إلى العقائد الصحيحة والأخلاق الفاضلة، والعلوم النافعة التي تحفظهم من مزالق الشهوات والشبهات، فيعمروا الأرض وينشروا الخير، ويبنوا العمران، وتتحقق فيهم الخلافة الصالحة.



ولم يختلف المسلمون من الرعيل الأول في هذه الحقيقة الناصعة، فقد حدَّدوا الغاية التي من أجلها أُنزل القرآن، وأخذوا يتلونه ويدرسونه، ويبحثون عن مكنون كنوزه وعلومه، واستخراج ما فيه من علوم وحكم وآداب؛ ولذا أثر القرآن في حياتهم تأثيرًا واضحًا جليًّا، ظهر أثره على أخلاقهم، وسلوكهم، وعلومهم، وفهومهم، حتى أعطاهم الله سعادة الدنيا قبل سعادة الآخرة، ووصلت الأمة الإسلامية في عهدهم إلى أوج قوتها، ومجدها، ورفعتها، وما زالت آثار تلك الحضارة الممتدة إلى اليوم تشهد بعلوِّ كعبهم وتفوقه، بدليل قيام جامعات غربية على أساس ما بنَوْه وأسسوه من علوم ونظريات.



إلا أن المسلمين في عصورنا أعرضوا عن هداية القرآن وحقيقة ما أنزل لأجله، وأخذوا يستخدمونه لأغراض لا تمت له بصلة، وشاعت فكرة تقديس القرآن واحترامه من جهات ضيقة، قد لا تكون لها صلة بقواعد الشريعة الغراء، حتى وصلوا إلى ما هم فيه اليوم من ضياع وتفرق، وانحلال وتكالب الأعداء من كل صوب وحدب، ينهبون خيراتهم، ويسلبون بلادَهم الواحدة تلو الأخرى، ولا شك أن هناك أسبابًا أدت إلى ذلك، وهو ما سنبحثه ونوضحه في تلك السطور القليلة، والكلمات اليسيرة؛ عسى أن يكون باعثًا ذلك على النهوض من جديد لأجل الاهتداء بنور القرآن، والاستضاءة بآياته، ومن ثم العمل به، وتطبيقه على مستوى الأفراد والجماعات، وبالله التوفيق.



ومن تلك الأسباب ما يلي:

أولًا: اعتقاد المسلم أنه غير مخاطب بالقرآن:

وهو من أعظم البليَّات والمصائب، وسبب هذا الاعتقاد الفاسد ما يردِّده بعض العلماء من أن بعض الآيات كآيات التنديد بالمشركين، وعباداتهم لها، وما يرتكبونه من بدع وانحرافات: أنها خاصة بمن نزلت بهم لا تتجاوز غيرهم، نعم هناك آيات خاصة، لكن من الخطأ الفاضح أن يُفهَم من هذا الكلام ما يفصل المسلمين عن كتاب ربهم، حتى يصير كلُّ وعيد نزل باليهود والنصارى والمشركين منصرفًا إليهم لا يتناول غيرهم، فيفقد المسلمون حينئذٍ الاعتبار والاهتداء بالقرآن؛ ولهذا نرى المسلمين لا يتعظون بالقرآن وأحكامه ووعيده وتخويفه، ويحسبون أن كل من تلفَّظ بكلمة التوحيد، وحرَّك بها لسانه من غير قيام بحقوقها كافية لنجاته من عذاب الآخرة، ولو مارَسَ الشرك الجليَّ كعبادة القبور والتوسل بالأموات، ويضاف إلى هذا السببِ وجودُ أدعياء العلم من أهل التقليد، والذين لم يستضيئوا بنور العلم، والذين حالوا بين المسلمين وبين كتاب ربهم، حيث يقول هؤلاء: إنه لا يمكن لأحد أن يفهم القرآن إلا العلماء الفطاحل من أهل اللغة والدين، بل إن الذين يفهمونه ويفسرون كلامه انقرضوا، وذهب زمانهم، ولن يخلفهم أحد؛ لما لهم من الصفات العلمية كالإحاطة بالعلوم والفنون؛ كمعرفة الناسخ من المنسوخ، والمكي من المدني إلى غير ذلك مما موجود في مظانه، فيبقى المسلم حينئذٍ حائرًا محرومًا من هداية القرآن ونوره، فإذا قرأ مثلًا قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [الأعراف: 194]، وقوله تعالى: ﴿ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان: 13]، وقوله: ﴿ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ [سبأ: 22].



وغير ذلك من الآيات المحذِّرة من الشرك، المنددة بهم، قال له هؤلاء: إنها خاصة بالمشركين في عهد التنزيل، وأوهموهم أن المشركين إنما كانوا يعبدون الحجارة المنحوتة من الحجر، وأن هذا هو الشرك الذي لا يغفره الله، أما دعاء الصالحين وطلب الغوث من جنابهم، والالتجاء إليهم، فليس من هذا ولا قريبًا منه، ويُفهِمون العوام بل وطلاب العلم أن التوحيد المطلوب هو الاعتقاد بوجود الرب - وهو نفسه الذي أقر به المشركون -، فلو أقر المسلم بهذا التوحيد، ولو كان يدعو غير الله من نبيٍّ، أو ولي، أو صالح، فهو مؤمن مستحق لدخول الجنان، ومزاحمة السابقين مع الحسان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.



ثانيًا: التقليد وعدم الاستقلالية في فهم القرآن:

والتقليد الأعمى يصدُّ عن سبيل الله، ويؤدي إلى هجر القرآن والعمل به، والسبب كما أسلفنا هو وجود بعض الرؤساء المقلدين في عصرنا ممن حرَّموا على المسلمين الاهتداء مباشرة بالقرآن، والاستدلال به، إلا وفق شروط تعجيزية من الإحاطة بجميع العلوم، حتى قال قائلهم: (من قال: إني أعمل بالكتاب والسنة، فهو زنديق)[1]، وليس هذا فحسب، بل الأعجب أن أصبح هؤلاء يحاربون كلَّ من يدعو إلى القرآن؛ لئلا تتوجه الأمَّة إلى الله، وتعرف الحق من غير طريقهم، فيفقدوا مراكزهم وسلطانهم، وبعض ما يصل إلى جيوبهم من دراهمَ معدودة.



نعم، لا نريد من الناس أن يكونوا كالشافعي وأبي حنيفة وأحمد والثوري والطبري رحمهم الله تعالى، لكن نريد من المسلمين أن يتدبَّروا كتاب ربهم كلٌّ حسب طاقته، ومبلغ علمه، فيعملوا به في حياتهم، وألا يؤْثروا كلامَ غيره عليه، وأن يتعود المسلم على الاستقلالية في فهم المعنى بما يملكه من معلومات صحيحة عن الإسلام، ومعاني العقيدة ولو إجمالًا، ومحاولة دراسة الواقع على ضوء القرآن وسنة الله في خلقه، والاستفادة من معالم القرآن في الحياة العملية؛ لئلا يضل عن الطريق وينحرف عن الجادة، ومن كان أميًّا لا يُحسِن القراءة فإنه يطلب من يقرأ له القرآن ليُفهِمَه الواجب عليه فيعمل به، هذا هو السبيل الذي يعرف المسلمون به عقيدتَهم، ويمنحهم الحياة الطيبة الكريمة السعيدة؛ قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [يونس: 57].



ثالثًا: التكبر واتباع الهوى:

التكبر هو غَمْطُ الحق، وعدم الخضوع له، وهو جرثومة من شأنها أن تمنع صاحبها من رؤية الحق، والانصياع له، ولو كان واضحًا وضوح الشمس، وقد بيَّن الله بأن جزاء المتكبرين أن يصرف عنهم النظر والاستلال عن الحق؛ لعدم انتفاعهم به؛ قال تعالى: ﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ [الأعراف: 146].



والغفلة هي الغفلة المطبوعة المانعة من أسباب العلم لا العارضة، فهؤلاء غافلون عن الآيات الكونية والشرعية، لا يعطونها حقَّها من التدبر والتأمل؛ وذلك لانشغالهم عنها بالأهواء المضلة، والتعصب الأعمى المقيت لمن يقلدونه، وقد يسلب الله عن المتكبر المتبِعِ لهواه ما عنده من الآيات ولو كان حافظًا لها، عالمًا بقواعدها وإحكامها، قادرًا على بيانها، إلا أنه لم يعمل بعلمه؛ بسبب إعراضه عن الهدى، والنظر المؤدي إليه قال تعالى:﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [الأعراف: 175، 176].
للمزيد من مواضيعي

 

الموضوع الأصلي : هداية القرآن: الموانع والأسباب     -||-     المصدر : منتديات آهات القلوب     -||-     الكاتب : العهود




رد مع اقتباس
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:08 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024
هذا الموقع يتسخدم منتجات Weblanca.com
new notificatio by 9adq_ala7sas
دعم وتطوير استضافة تعاون
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49