#1
|
|||||||||
|
|||||||||
الحب والحياة
تنعم قريتنا بالجمال .. بالهدوء .. يظللها النخيل الطيب بالحب . ينتشر بين أرجائها شذي زهور الليمون .. رجالها طيبون وأيضا النساء . في حبها متفانون . على طرقاتها أشجار الفل والياسمين يزرعون . حتى أصبحت حديث كل القرى التي حولنا . عنها في سهراتهم يتكلمون . وجمالها يحسدون . فتياتها وفتيانها ورثوا حب القرية عن الآباء والأجداد . فالكل يتفانى في مصلحة الآخر . والاحترام متبادل بين الجميع . حتى حطت هي رحالها في قريتنا ... من هي ؟؟؟ إنها فيروز الجميلة . جاءت من الشرق أو من الغرب .... لا نعرف . ناعمة الملمس كالحرير .ضحكاتها وردية . كلماتها لها رنين ذهبي ساحر . اتجهت مباشرة إلى منزل عم (فاروق) . كبير قريتنا .... هل هذه صدفة ؟؟؟؟ كنا وقتها لا نعرف . أحسن هو وفادتها . وأسكنها في أجمل منزل في القرية . بدأت تصبح منا في أيام معدودة . فهي تستأثر بالقلوب بسرعة الصاروخ . كانت تمشى في طرقات قريتنا بدلال تتمايل على ألحان عبارات الغزل من شباب القرية .ولم لا وهم يروها تستحسن هذه الكلمات . تخضع لهم بالقول . تخرج من بين شفتيها عبارات الاستحسان لكل من يغازلها . وفى بعض الأحيان هي التي كانت تغازلهم . تغيرت القرية . أصبحت صاخبة على غير العادة الكل يغازل ويتغزل . أصبح جنون الغرام هو سيد الموقف . ترك الشباب دروسهم أو أعمالهم . تبعوها كالمسحورين إلى ساحة القرية . يغازلونها وتغازلهم بعد أن خلعت عن وجهها غطاء الحياء . وجدوا فيها ما لم يجدونه في بنات قريتهم . وجدوا الدلع والدلال . لم تكتفي بذلك بل فتحت متجرا في قلب القرية .كل بضاعته كلمات الحب الجوفاء مثل فقاعات الصابون التي كنا نلهوا بها ونحن صغار.. .بضاعتها بلا نقود . المطلوب أن تدفع ثمنها أيضا كلمات كفقاعات الصابون تتطاير في الهواء .انتشرت التفاهة في قريتنا المحبوبة ازداد البغض بين الشباب . والغيظ ينتفخ في قلوب كل بنات القرية . كل هذا وأنا مازلت أتفرج أشاهد ظاهرة مجنونة أحاول أن أستوعب ما تحدثه هذه الــ ( فيروز ) . التي جاءت الرياح بها إلى قريتنا من الغرب أو الشرق .... لا نعلم . حتى جاء ذلك اليوم . عندما وجدوا ( عوضين ) أبن الثامنة عشر مقتول عند الساقية المهجورة . تقرير الطبيب الشرعي يقول أنه قد لدغ وبعدها قد تم عصره . أنتشر الخبر هناك ثعبان وحش بالقرية . الكل قد خاف . قاموا بلم الأطفال من شوارع القرية . أغلقوا الأبواب عليهم . فالأطفال صغار الحجم والثعبان الوحش لن يعصرهم بل سيبتلعهم بكل سهولة . بعدها بثلاثة أيام وجدوا ( رمضان ) وعمره عشرون سنة أيضاً مقتول عند الساقية المهجورة . نفس التقرير السابق . لدغ ... ثم عصر . ارتبكت القرية . أصحاب الحقول التي ناحية الساقية تركوها . هجروها . ذبلت الزراعات فيها . أما عن فيروز فقد حملت على عاتقها أن تسري عن أهل القرية وتطمئنهم . زادت من حفلات الغزل المعهودة . حتى جاء الدور على ابن الخمسة عشر عام ( إبراهيم ) قد قتل أيضاً . نفس التقرير . رعب يتطاير في القرية . خرج الرجال ببنادقهم جماعات بعد أن حثتهم فيروز على ذلك . قالت لهم في الساحة : لا تبقوا هكذا قوموا تحركوا لا تكونوا كالعجزة والمساكين وتبرعت بالخروج معهم . ألهب هذا الموقف من فيروز حماستهم . لا فائدة ... فالوحش الثعبان لم يظهر . أجتمع حكماك القرية في دار عم فاروق . يتكلمون . يتباحثون . يتناقشون . يتوقعون . وأخيراً انفضوا . فحلاً لما يحدث لم يجدون . حتى جاء ذلك اليوم الذي رأيت النظرات المتبادلة ما بين فيروز وصديقي ( محمد ) نظرات ذات مغذى . تحمل فيها رغبات وأشواق وهيام . قلت في نفسي : خسارة يا محمد فأنا سرك ورغم ذلك لم تعلمني مكنونات قلبك . خرجت هي من الساحة منسلة . خرج محمد ورائها . دب الرعب في قلبي . فمن الممكن أن يخرج عليهم الوحش الثعبان ويرديهم قتلى . تحسست سلاحي وقررت أن أتبعهم لحمايتهم . هي تسير ومحمد خلفها . ياااااا خبر أنهما متجهان إلى الساقية المهجورة . وصلا إلى هناك . خففت فيروز الجميلة بعض من ملابسها . ومحمد واقف كالتمثال مبهور بلقاء جميلة جميلات الكون . اختبأت حتى لا يلمحوني وأفسد عليهم سعادتهم . ولكن ما هذا الذي أرى أن فيروز ينتفخ جلدها من ناحية والناحية الأخرى تظهر نتوءات تتحرك . أنها تنبعك كمن لا عظم لها . ومحمد واقف لا يتحرك . بدأ ينشق جلدها يخرج منه شيئ ومحمد لا يتحرك . لقد خلعت عنها جلدها البشري وبدأ تنسلخ من داخلها حية ضخمة قرناء . محمد لا يتحرك وأنا أيضاً لا أتحرك . يا للهول ... أن فيروز ما هي إلا حية مسحورة أو وحش ... لا أعلم ... لا أعلم . أخذت الحية تتراقص . تتمايل . ومحمد لا يتحرك ... تتجه إليه وهو أيضاً لا يتحرك . إبتسامة بريئة على وجهه . أما أنا فقد نسيت الحركة ونسيت الكلمات ونسيت حتى كل الأصوات . بدأت الحية تلتف حوله . غرست نابيها في جسده . تحقنه بالسم المعسول وهو أيضاً مبتسماً . سمعت طقطقة عظامه وهي تتكسر . وأخذت تنهش فيه . ثم بدأت تمتص رحيق شبابه . وأنا لا أقوى على الحركة . حتى الدموع قد تحجرت في عيناي . رجعت الحية إلى الجلد الذي خلعته . دخلت فيه مرة أخرى ارتدت ملابسها . حاولت إمساك سلاحي بيميني لكنها قد شلت حاولت بيساري هي الأخرى أيضاً قد شلت . ألتفتت نحوي . أه .... أنها قد رأتني . أبتسمت ابتسامة باهتةً صفراء باردة كالموتى . قالت لي : على مايبدو أنك شاهدت وعلمت بالسر لكنك لن تتكلم . أحمرت عيناها ثم ازرقت . شعاع يخرج من عينيها . يتجه نحو لساني المتدلي من هول الصدمة . حاولت الكلام لكن لسان قد جف . أصبح صلباً كالصخرة . تركتني وهي تضحك ضحكات مجنونة كساحرة شمطاء . ثم اتجهت إلى القرية . لم أعلم كم مر زمن وأنا في هذا الحال . أخيراً استطعت أن أحرك قدماي . تبعتها إلى القرية . أتلفت عليها . وجدتها في الساحة تتغزل في الشباب . يتغزلون فيها . وهي تتمايل تتراقص على نغمات الغزل الصادرة من قلوبهم الولهانة . لاحظت شقيقي الأصغر كريم ينظر لها بكل الشوق . وهي تنظر له نفس النظرات . حاولت أن أصرخ لكن ..... لا صوت . حاولت أن أشير لهم لكن ..... لا حركة . خرجت منسلة من بين الجمع ... تبعها كريم . قررت أن أجري ورائهما لتأخذني بدلاً منه . نفس النظرات الزراقاء اتجهت إلى قدماي . تيبست في الأرض قدماي. وهي تسير وأخي كريم يمشي ورائها مبتسماً . للمزيد من مواضيعي
|
10-19-2021, 08:41 PM | #8 |
|
تسلم آيدينك على روؤوعة طرحك وآنتقائك آلمميز
آلله يعطيك آلف عآفية وً عسسآكِ على آلقوة في آنتظآر روآئع جديدك آلقآدم دمت بسسعآدهـ...* |
|
|
|
|