#1
|
|||||||
|
|||||||
كُن صبورًا .. !
الصبر مفتآح الفرج ..
تتقلّب حياة الإنسان ما بين أوقاتِ الخير المُتطلِّبة للشُّكر والحمد وأوقات الشر والابتلاء والمحنة المتطلبة للصبر وقوّة البأس والثبات، لذا كانت صفة الصبر واحدةً من أعظم وأجلِّ الصفات التي امتُدح أصحابها في كتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام. - ماهو الصبر .. يُعرّف الصبر لغةً بأنه: "نقيض الجَزَع، صَبَرَ يَصْبِرُ صَبْـرًا فهو صابِرٌ وصَبَّار وصَبِيرٌ وصَبُور والأُنثى صَبُور أَيضًا بغير هاء وجمعه صُبُـرٌ، وأَصل الصَّبْر الحَبْس، وكلّ من حَبَس شيئًا فقد صَبَرَه، والصبر: حبس النفس عن الجزع"، أما في الاصطلاح فإنه: "حبس النفس عن محارم الله، وحبسها على فرائضه، وحبسها عن التسخط والشكاية لأقداره"، وقيل هو: "ترك الشكوى من ألم البلوى لغير الله لا إلى الله"، وعُرِّفَ أيضًا بأنه: "حبس النفس على ما يقتضيه العقل والشرع، أو عما يقتضيان حبسها عنه"،وقد نقل أبو بكر بن الأنباري عن بعض العلماء قوله: "إنما سمي الصبر صبرًا؛ لأن تمرره في القلب وإزعاجه للنفس كتمرر الصبر في الفم"،. - الصبر في الأسلام .. حازَ الصبر في الإسلام على أهمية بالغة؛ وذلك لِعظم شأنه ولزومه في كل مناحي الحياة، فهو ضرورة حياتية إضافة إلى كونه واجبًا شرعيّا، يُعد الصبر في الإسلام أصل وأساس معظم الأخلاق الشريفة، فالعفو صبرٌ عن داعي الانتقام وردّ الاعتبار، والعفّة تحتاج إلى صبر عن الشهوّة، وكذلك القناعة ما هي إلا صبرٌ عن المفقود ورضا بالموجود ، وكذلك الأمر بالنسبة لبقية الأخلاق كالزُهد وشرف النفس وسعة الصدر ما هي إلا نتيجة ولازم من لوازم الصبر برزت أهمية الصبر في الإسلام من خلال كثرة ذكره في القرآن الكريم واقتران الصبر في كثير من المواضع ببعض العبادات ذات الشأن الكبير مثل عبادة التوكل والاستغفار، كما تمّ قرْن الصبر باليقين والشكر وكذلك جاء الصبر مقرونًا بالصلاة في سورة البقرة في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} كما بيّن رسول الله موضع الصبر وزمانه بقوله: "إنَّما الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى"، وقد دلّت النصوص الشرعية على ضرورة كون الصبر خالصًا لوجه الله الكريم. - أقسام الصبر .. للصبر بشكل عام أربعة أقسام وأنواع وهي: صبر بدني اختياري، كالصبر على الأعمال المُجهدة، وصبر بدني إجباري كالصبر على الألم والمرض، وصبر نفسي اختياري كصبر النفس عن فعل المعاصي والرذائل، وصبر نفسي إجباري كصبر النفس عند فقدان عزيز، أما بالنسبة لمجالات الصبر في الإسلام فهي كالآتي: -الصبر على على البَلاء : الصبر على البلاء: يحتاج الإنسان إلى الصبر في الدنيا وذلك لأنها مليئة بأنواع البلاء والمصائب كالمرض والموت والفقر. ذكر الله -سبحانه- في كتابه الكريم أنواع البلاء التي قد تطال الناس في حياتهم، فعدّد الموت والجوع، وفقدان الأمن، ونقص الأموال، وبيّن الله -سبحانه- أنّ جُلّ حكمته من هذه الابتلاءات أن يطهّر الناس من خطاياهم، ذلك بأنّهم وقعوا في هذه الابتلاءات بسبب أنفسهم، ويذكر القرآن الكريم أنّ الحلّ لمقابلة كلّ تلك الابتلاءات هو الصبر، فحياة البشر مبنيّةٌ على الكدّ والابتلاءات التي تُدفع بالصبر، ويُقصد بالصبر الاستسلام لأقدار الله تعالى، إن نزلت بالهموم والأمراض، وعدم مقابلتها بالضجر والسخط، بل يكون العبد مدركاً أنّ الله هو المتصرّف بعباده يقلّبهم في حياتهم كيفما يشاء. - الصبر وقت الحررب الخوف من الموت والجُبن في ساحة القتال من صفات النفس الإنسانية، ولكن السمو بهذه النفس والطموح لمعالي المنازل والمراتب الأخروية ينزع الخوف منها ويزرع بدلًا عنه صبرًا وشجاعة وثبات. -الصبر في الحياة اليومية تتجلّى الحاجة للصبر في التعامل اليومي مع الناس فلا بدّ من الصبر من الزوج على زوجته والعكس وتربية الأبناء بحاجة إلى صبر والتعلّم وممارسة الأعمال والمهن، فكل هذه الأمور لا تصلُح ولا تؤتي ثمارها إلا بالصبر ومجاهدة النفس. -الصبر على الطاعة كل عبادة لا تخلو من مشقة والنفس تميل للراحة ولا بدّ من تدريب النفس وترويضها على الصبر حتى يتمكّن الإنسان من أداء الطاعات والواجبات على أكمل وجه. -الصبر عن مشتهيات النفس تكمن صعوبة هذا الصبر في كونه صبر اختياري لا بدّ من حمل النفس عليه إذ أن حب الدنيا والرغبة بالتزود من عروضها وزينتها فطرة إنسانية ومن نوازع النفس البشرية. - صبر الأنبياء .. صبر الأنبياء وضع أنبياء الله -عليهم السلام- أمثلةً حيّةً ونماذج عظيمة في تجسيد مفهوم الصبر في الإسلام، وذلك من خلال التزامهم بهذا الخُلق الرفيع في جميع أمور حياتهم، ولا عجَب في ذلك فهم خير البرية وهم من يجدر تقليدهم والتحلي بأخلاقهم، وفيما يأتي نماذج وصور من صبر الأنبياء: إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام-: صبورًا امتثل نبيّا الله إبراهيم وإسماعيل لأمر الله عندما رأى النبي إبراهيم في المنام أنه يذبح ابنه، وصبرا والتزما فالوالد يُهيّأ مقدمات الذبح والولد يصبر ويمتثل، ثم يأتي الفرج الإلهي ويفدي الله إسماعيل بذبحٍ عظيم. أيوب -عليه السلام-: صبورًا من أشهر الأمثلة التي تُضرب في الصبر على البلاء النبي أيوب، حيث أُصيب في بدنه وولده وماله، فلما صبر واحتسب والتجأ إلى الله كشف الله همّه وأبدل بلاءه نعمةً وكرمًا. يوسف -عليه السلام-: صبورًا صبر النبي يوسف في موضع لا يصبر فيه إلا صدّيق، حيث توفرت له كل دواعي الفعل ولكنّه صبر وفضّل السجن والحبس على فعل الفاحشة ونكران الجميل، فصبره -عليه السلام- كان صبرًا اختياريًا لا تقوى عليه إلا نفس سامية مؤمنة بالله. - جزآء الصبر .. جزاء الصبر في الإسلام ورد ذِكر الصبر في القرآن الكريم في كثير من السور والآيات القرآنية حتى قيل أنه قد ورد فيما يُقارت تسعين موضعًا، كما أن السنة النبوية اعتنت بموضوع الصبر وجزائه وبيّنت الكثير من الآيات والأحاديث النبوية بعض ما أعدّ الله -عزّ وجلّ- من ثواب ونعيم لعباده الصابرين، وفيما يأتي بعضٌ من هذه النصوص: قال تعالى في سورة البقرة: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}،تخبر هذه الآية الكريمة بأن الصابرين لهم بشرى من الله بالجزاء الحسَن والثواب العظيم. قال تعالى في سورة الزمر: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}، الصبر من أعظم الطاعات التي يُجازى بها العبد يوم القيامة فجزاؤه يكون عظيم جدًا. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يقولُ اللَّهُ تَعالَى: ما لِعَبْدِي المُؤْمِنِ عِندِي جَزاءٌ، إذا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِن أهْلِ الدُّنْيا ثُمَّ احْتَسَبَهُ، إلَّا الجَنَّةُ"، الجنة هي غاية كل مسلم وهدف كل مؤمن والصبر هو أحد طُرق دخولها والظفر بها. - للمزيد من مواضيعي
|
|
|
|