|
#1
|
|||||||
|
|||||||
.لن يعود .
لا يكاد يجن الليل وينشر جنوده في الطرقات، حتى تأوي إلى سريرها بعد أن تحكم إغلاق باب حجرتها العتيقة ... تتدثر بغطاء أرجواني ! تسافر بذاكرتها إلى شاطئ بحر الهوى إذ تتحسس أنامله الدافئة وهو يمسح دموعها مودعا قبل أن يبحر على متن سفينة النوى إلى عوالم وشطئان مجهولة !!!! لا تزال تتذكر نشيجها وهي قافلة لمنزلها برفقة الألم والأسى وهي تتلمس طريقها للريف ! تحاكي الذكريات بنشيج وبكاء تحت الغطاء !! كانت آخر رسالة وصلت اليها خطها بيده قبل تسعة أشهر !! لا شيء يوحي برجوعه ، فهذه هي السنة السابعة لرحيله !!! واصلت نشيجها تحت الغطاء .. وقبل أن تستسلم للنوم رأت ضوء القمر يتسلل خلسة من ثقوب حجرتها الخشبية .. فشعرت بإطمئنان واشتاقت لرؤية البدر ... تركت سريريها وازاحت ستارا النافذة تنظر للبدر فأزداد حنينها وألمها !! إذ كانا يقفان يرقبان البدر وهو يسخر من البدر بقوله " لست أيها البدر أجمل منها "!! تفاصيل كثيرة بعثرها البدر ، فنزفت جروحها !! همت بالعودة للسرير ويدها تعيد الستارة فوقع بصرها على بياض يسير على الطريق المجاورة للنهر المتاخم لمنزلها !! أخذت ترقبه بحذر وفضول وهو يقترب !! أخذ يقترب شيئا فشيئا فلاح لها سواد يلاصق جانبه ! وهو يقترب أكثر تبينت أن السواد حقيبة ، لكن بدلا من أن ينعطف للطرق المتفرعة الأخرى ، انعطف يسارا ليأخذ الطريق المؤدي لمنزلها إذ لا طريق غيره !!! وهنا بدأ يتسارع نبضها وأرتعدت فرائصها ، وتيبست أطرافها !!! أهو لص يريد أن يسلبني ومنزلي إذ لا أحد قريب من منزلي ( انما يعدو الذئب على القاصية من الغنم )! ارتبكت وهرعت للرف المعلق بجوار سريرها تناولت علبة الثقاب ,وأوقدت شمعة ،وتناولت السكين ،وتوجهت للنافذة من جديد !!! لكنها لم تراه ، لقد أختفى !!! وهي بين خوف ورجاء أن تكون قد توهمت رجلا بينما لا أحد ...! فجأة وجدت باب حجرتها يطرق طرقا خفيفا !!! ... تسمرت مكانها ولم تنبس ببنت شفة !!! استجمعت قواها وسألت بلغتها الفرنسية ( من يطرق الباب ؟ ) فلم تجد جوابا ! سكتت وازداد خوفها !! مضت دقايق قليلة ثم عاد الطرق للباب مجددا !! فجثت على ركبتيها ووضعت الشمعة على الأرض بين يديها لا تستطيع أن تقف لشدة الوجل والرعب في آن !!! تركت عينيها مسمرة على الباب ! تنتظر القدر " وقوع الشر خير من إنتظاره " ... سمعت صوت مفتاح يدور ليفتح باب الحجرة فأزداد رعبها . وفجأة بدأ الباب ينسحب تدريجيا وعيناها تنتظر الشبح الذي ستكون نهايتها على يديه !!! كانت الحجرة مظلمة إلا من ضوء الشمعة التي بين يديها وهي جاثية على ركبتيها . وهنا شهقت شهقة وتبعتها بصرخة " إنه هو "!!!! نعم هو بعد سبع سنين يعود !!!! بقيت مكانها ودموعها تنافس دموع شمعتها ! حياها بلغتهم الفرنسية ( بون سوار) مساء الخير ...ألقى حقيبته وجلس أمامها يرقب زرقة بحر الغرام في عينيها ! أما هي فقد أكتفت بأن تستكشف أثار السنين في محياه!!!! لا لغة بينهما سوى لغة الأعين التي توقفت إذ عانقها وهي تنشج كطفل عاد لأحضان أمه ! بدأت تدب السعادة في جسدها وهربت شياطين الحزن من حجرتها !! بدأت تجفف دموعها وأرادت أن تقف فوجدت نفسها تتدحرج على الأرض ساقطة من فوق سريرها !! فوجدت نفسها وحيدة وعودته كانت حلما ليس إلا !!! فالباب مغلق ولا شمعة ولا حقيبة كل ذلك حلم ، حلم حلم !!! أجهشت بالبكاء وهي تتدثر بالغطاء !!! غطاءها أصبح مالحا لكثرة دموعها التي أغرقته !!!! ولن يعود !!! لن يعود ........لن يعود . للمزيد من مواضيعي
|
|
|
|