عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 08-21-2021, 11:43 PM
لحن الوفا
لحن الوفا غير متواجد حالياً
صندوق عرض الاوسمة
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 17
 تاريخ التسجيل : Aug 2021
 فترة الأقامة : 999 يوم
 أخر زيارة : 05-10-2024 (01:24 PM)
 المشاركات : 8,951 [ + ]
 التقييم : 4698
 معدل التقييم : لحن الوفا has a reputation beyond reputeلحن الوفا has a reputation beyond reputeلحن الوفا has a reputation beyond reputeلحن الوفا has a reputation beyond reputeلحن الوفا has a reputation beyond reputeلحن الوفا has a reputation beyond reputeلحن الوفا has a reputation beyond reputeلحن الوفا has a reputation beyond reputeلحن الوفا has a reputation beyond reputeلحن الوفا has a reputation beyond reputeلحن الوفا has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]

صندوق عرض الاوسمة

افتراضي الأصمعي والبقّال



الأصمعي والبقّال ..


قال الاصمعي ، كنت بالبصرة أطلب العلم ، وأنا فقير وكان على باب زقاقنا بقّال ، إذا خرجتُ باكراً ، يقول لي إلى أين...؟
فأقول إلى فلان المحدّث ، و إذا عدت مساءً يقول لي من أين...؟
فأقول من عند فلان الإخباريّ أو اللغويّ ، فيقول البقال : يا هذا ، إقبل وصيّتي ، أنت شاب فلا تضيّع نفسك في هذا الهراء ، وأطلب عملاً يعود عليك نفعه وأعطني جميع ما عندك من الكتب فأحرقها فوالله لو طلبت مني بجميع كتبك جزرة ، ما أعطيتُك...!
فلما ضاق صدري بمداومته هذا الكلام ، صرت أخرج من بيتي ليلاً وأدخله ليلاً ، وحالي في خلال ذلك ، تزداد ضيقاً ، حتى أضطررت إلى بيع ثياب لي ، وبقيت لا أهتدي إلى نفقة يومي ، وطال شعري ، وأخلق ثوبي ، وأتّسخ بدني...،
فبينما أنا كذلك ، متحيّر في أمري ، إذ جاءني خادم للأمير محمد بن سليمان الهاشمي فقال لي : أجب الأمير...
فقلت : ما يصنع الأمير برجل بلغ به الفقر إلى ما ترى...؟
فلما رأى سوء حالي وقبح منظري ، رجع فأخبر محمد بن سليمان بخبري ، ثم عاد إليّ ومعه تخوت ثياب ، ودرج فيه بخور ، وكيس فيه ألف دينار ، وقال : قد أمرني الأمير أن أُدخلك الحمام ، وأُلبِسك من هذه الثياب وأدع باقيها عندك ، وأطعِمك من هذا الطعام ، وأبخّرك ، لترجع إليك نفسك ، ثم أحملك إليه ،
فسررت سروراً شديداً ودعوتُ له ، وعملتُ ما قال ، ومضيت معه حتى دخلت على محمد بن سليمان ، فلما سلّمتُ عليه...
قرّبني ورفعني ثم قال : يا عبد الملك ، قد سمعت عنك ، وأخترتك لتأديب أبن أمير المؤمنين ، فتجهّز للخروج إلى بغداد...
فشكرته ودعوت له ، وقلت سمعاً وطاعة سآخذ شيئاً من كتبي وأتوجّه إليه غداً
وعدت إلى داري فأخذت ما أحتجت إليه من الكتب ، وجعلتُ باقيها في حجرة سددتُ بابها ، وأقعدت في الدار عجوزاً من أهلنا تحفظها...
فلما وصلت إلى بغداد دخلت على أمير المؤمنين هارون الرشيد فقال لي : أنت عبد الملك الأصمعي...؟
قلت : نعم ، أنا عبد الملك الأصمعي يا أمير المؤمنين...
قال : إعلم أن ولد الرجل مهجة قلبه وها أنا أسلم إليك أبني محمداً بأمانة الله فلا تعلمه ما يُفسد عليه دينه ، فلعله أن يكون للمسلمين إماماً...
قلت السمع والطاعة ، فأخرجه إليّ ، وحُوِّلْتُ معه إلى دار قد أُخليت لتأديبه ، وأجرى عليّ في كل شهر عشرة آلاف درهم فأقمت معه حتى قرأ القرآن ، وتفقّه في الدين ، وروى الشعر واللغة ، و علم أيام الناس وأخبارهم...
وأستعرضه الرشيد فأُعجب به وقال : أريد أن يصلي بالناس في يوم الجمعة ، فاختر له خطبة فحفِّظْه إياها ، فحفّظتُه عشراً ، وخرج فصلى بالناس وأنا معه ، فأعجب الرشيد به وأتتني الجوائز والصِلات من كل ناحية ، فجمعت مالاً عظيماً أشتريت به عقاراً وضياعاً وبنيت لنفسي داراً بالبصرة فلما عمرت الدار وكثرت الضياع ، أستأذنتُ الرشيد في الانحدار إلى البصرة ، فأذن لي...
فلما جئتها أقبل عليّ أهلها للتحية وقد فَشَتْ فيهم أخبار نعمتي وتأمّلت من جاءني ، فإذا بينهما البقّال وعليه عمامة وسخة ، وجبّة قصيرة فلما رآني صاح : عبد الملك...!
فضحكت من حماقته ومخاطبته إيّاي بما كان يخاطبني به الرشيد ثم قلت له : يا هذا ، قد والله جاءتني كتبي بما هو خير من الجَزَره...!


من كتاب " الفرج بعد الشدة " للتنوخي
للمزيد من مواضيعي

 

الموضوع الأصلي : الأصمعي والبقّال     -||-     المصدر : منتديات آهات القلوب     -||-     الكاتب : لحن الوفا




رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49