المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شرح حديث كن في الدنيا كأنك غريب


لحن الوفا
12-01-2021, 10:56 PM
شرح حديث ابن عمر: "كن في الدنيا كأنك غريب"



عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: (( كنْ في الدنيا كأنك غريبٌ أو عابر سبيل))، وكان ابن عمرَ رضي الله عنهما يقول: "إذا أمسيتَ فلا تنتظرِ الصباح، وإذا أصبحتَ فلا تنتظرِ المساءَ، وخُذْ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لِموتك"؛ رواه البخاري.


قال سَماحة العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
وأما الأحاديث، فمنها حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: "أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بمنكبي"؛ يعني أمسَك به، والمنكب هو أعلى الكتف، أخذ به من أجل أن ينتبه ابن عمر لما سيُلقي إليه الرسول عليه الصلاة والسلام من القول.

وهذا من حسن تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه عليه الصلاة والسلام كان إذا تكلَّم، اتخذ الأسباب التي توجب انتباه المخاطب، إما بالفعل كما هنا، وإما بالقول كما في قوله: ((ألا أنبئكم بأكبر الكبائر))، قالوا: بلى يا رسول الله، فهذا يلقى إليهم لأجل أن ينتبهوا.

أخذ بمنكبي وقال: ((كنْ في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل))، سبحان الله! أعطى الله نبيَّه جوامع الكلم، هاتان الكلمتان يمكن أن تكونا نبراسًا يسير الإنسان عليه في حياته ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)).

والفرق بينهما أن عابر السبيل ماشٍ يمرُّ بالقرية وهو ماشٍ منها. وأما الغريب فهو مقيم فيها حتى يرتحل عنها، يقيم فيها يومين أو ثلاثة أو عشرة أو شهرًا، وكل منهما لا عابر السبيل ولا الغريب كل منهما لم يتخذ القرية التي هو فيها لم يتخذها وطنًا وسكنًا وقرارًا.

فيقول الرسول عليه الصلاة والسلام: كن في الدنيا كهذا الرجل، إما غريب أو عابر سبيل.

والغريب وعابر السبيل لا يستوطن، يريد أن يذهب إلى أهله وإلى بلده، لو أن الإنسان عامَلَ نفسه في هذه الدنيا بهذه المعاملة، لكان دائمًا مشمرًا للآخرة، لا يريد إلا الآخرة، ولا يكون أمام عينيه إلا الآخرة، حتى يسير إليها سيرًا يصل به إلى مطلوبه، نسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما فيه الخير والصلاح.

وكان ابن عمر يقول: "إذا أصبحتَ فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيتَ فلا تنتظر الصباح"؛ المعنى: لا تؤمِّل أنك إذا أصبحتَ أمسيتَ، وإذا أمسيتَ أصبحتَ، فكم من إنسان أصبح ولم يُمسِ! وكم من إنسان أمسى ولم يصبح! وكم من إنسان لبس ثوبه ولم يخلعه إلا الغاسلُ! وكم من إنسان خرج من أهله قد هيؤوا له غداءه أو عشاءه ولم يأكله! وكم من إنسان نام ولم يقم من فراشه! المهم أن الإنسان لا ينبغي له أن يطيل الأمل؛ بل يكون حذرًا حاذقًا حازمًا كيسًا، هذا معنى قوله: ((إذا أصبحتَ فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيتَ فلا تنتظر الصباح)).

قال: ((وخُذْ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك)) الإنسان الصحيح منشرح الصدر، منبسط النفس، واسع الفكر، عنده سَعة في الوقت والصحة، لكن ما أكثر الذين يضيعون هذا؛ لأنه يؤمل أن هذه الصحة سوف تبقى وتدوم، وأنه سوف تطول به الدنيا، فتجده قد ضيَّع هذه الصحة.

فابن عمر رضي الله عنهما يقول: "خُذْ من صحتك لمرضك"، المرض تضيق به النفس، ويتعب به الجسم، وتضيق عليه الدنيا ولا يستطيع أن يعمل العمل الذي يعمله في حال الصحة، فليأخذ من صحته لمرضه، ومن حياته لموته، قِسْ ما بين حياتك وموتك أيهما أطول؟ لا شك أن الحياة لا تُنسب للموت، كم للرسول عليه الصلاة والسلام ميتًا؟ كم لمن قبله؟ وحياتهم قليلة بالنسبة لموتهم، فكيف إلى الآخرة؟

ولهذا ينبغي للإنسان أن يأخذ من حياته - ما دام الله قد أحياه - لموته إذا عجز عن العمل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا مات الإنسان انقطع عملُه إلا من ثلاثة: صدقةٍ جارية، أو علمٍ ينتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له))، فخُذْ من حياتك لموتك.

المصدر: «شرح رياض الصالحين» (3/ 457- 459)

مداد اليراع
12-02-2021, 04:20 PM
جزاك الله خير أختي الكريمة وأجزل لكِ الآجر والمثوبة

رقة انثى
12-02-2021, 09:55 PM
يسلمو

يعطيك العافية

فنتآستكـ
12-02-2021, 10:12 PM
أثابك حسن الدارين
ومتعك برؤية وجهه الكريم

مشآعر
12-02-2021, 10:23 PM
الله لايحرمنا جديدك وابداعك,,
كل الشكر لك

العهود
12-02-2021, 10:42 PM
جزاك الله خيـر

وجعله في ميزان حسناتك
آنآر الله قلبك بالآيمآن وطآعة الرحمن
دمت بحفظ الرحمن

احساس خجولة
12-02-2021, 11:13 PM
بارك الله فيكِى

وجزاكِى الله خير الجزاء
دمتِى برضى الله وحفظه ورعايته

سيدة الورد
12-02-2021, 11:32 PM
طرح راقي
يسلم الايادي

سحر الأنوثة
12-05-2021, 03:07 PM
الله يجزاك خير