المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأصمعي والبقّال


لحن الوفا
08-21-2021, 11:43 PM
الأصمعي والبقّال ..


قال الاصمعي ، كنت بالبصرة أطلب العلم ، وأنا فقير وكان على باب زقاقنا بقّال ، إذا خرجتُ باكراً ، يقول لي إلى أين...؟
فأقول إلى فلان المحدّث ، و إذا عدت مساءً يقول لي من أين...؟
فأقول من عند فلان الإخباريّ أو اللغويّ ، فيقول البقال : يا هذا ، إقبل وصيّتي ، أنت شاب فلا تضيّع نفسك في هذا الهراء ، وأطلب عملاً يعود عليك نفعه وأعطني جميع ما عندك من الكتب فأحرقها فوالله لو طلبت مني بجميع كتبك جزرة ، ما أعطيتُك...!
فلما ضاق صدري بمداومته هذا الكلام ، صرت أخرج من بيتي ليلاً وأدخله ليلاً ، وحالي في خلال ذلك ، تزداد ضيقاً ، حتى أضطررت إلى بيع ثياب لي ، وبقيت لا أهتدي إلى نفقة يومي ، وطال شعري ، وأخلق ثوبي ، وأتّسخ بدني...،
فبينما أنا كذلك ، متحيّر في أمري ، إذ جاءني خادم للأمير محمد بن سليمان الهاشمي فقال لي : أجب الأمير...
فقلت : ما يصنع الأمير برجل بلغ به الفقر إلى ما ترى...؟
فلما رأى سوء حالي وقبح منظري ، رجع فأخبر محمد بن سليمان بخبري ، ثم عاد إليّ ومعه تخوت ثياب ، ودرج فيه بخور ، وكيس فيه ألف دينار ، وقال : قد أمرني الأمير أن أُدخلك الحمام ، وأُلبِسك من هذه الثياب وأدع باقيها عندك ، وأطعِمك من هذا الطعام ، وأبخّرك ، لترجع إليك نفسك ، ثم أحملك إليه ،
فسررت سروراً شديداً ودعوتُ له ، وعملتُ ما قال ، ومضيت معه حتى دخلت على محمد بن سليمان ، فلما سلّمتُ عليه...
قرّبني ورفعني ثم قال : يا عبد الملك ، قد سمعت عنك ، وأخترتك لتأديب أبن أمير المؤمنين ، فتجهّز للخروج إلى بغداد...
فشكرته ودعوت له ، وقلت سمعاً وطاعة سآخذ شيئاً من كتبي وأتوجّه إليه غداً
وعدت إلى داري فأخذت ما أحتجت إليه من الكتب ، وجعلتُ باقيها في حجرة سددتُ بابها ، وأقعدت في الدار عجوزاً من أهلنا تحفظها...
فلما وصلت إلى بغداد دخلت على أمير المؤمنين هارون الرشيد فقال لي : أنت عبد الملك الأصمعي...؟
قلت : نعم ، أنا عبد الملك الأصمعي يا أمير المؤمنين...
قال : إعلم أن ولد الرجل مهجة قلبه وها أنا أسلم إليك أبني محمداً بأمانة الله فلا تعلمه ما يُفسد عليه دينه ، فلعله أن يكون للمسلمين إماماً...
قلت السمع والطاعة ، فأخرجه إليّ ، وحُوِّلْتُ معه إلى دار قد أُخليت لتأديبه ، وأجرى عليّ في كل شهر عشرة آلاف درهم فأقمت معه حتى قرأ القرآن ، وتفقّه في الدين ، وروى الشعر واللغة ، و علم أيام الناس وأخبارهم...
وأستعرضه الرشيد فأُعجب به وقال : أريد أن يصلي بالناس في يوم الجمعة ، فاختر له خطبة فحفِّظْه إياها ، فحفّظتُه عشراً ، وخرج فصلى بالناس وأنا معه ، فأعجب الرشيد به وأتتني الجوائز والصِلات من كل ناحية ، فجمعت مالاً عظيماً أشتريت به عقاراً وضياعاً وبنيت لنفسي داراً بالبصرة فلما عمرت الدار وكثرت الضياع ، أستأذنتُ الرشيد في الانحدار إلى البصرة ، فأذن لي...
فلما جئتها أقبل عليّ أهلها للتحية وقد فَشَتْ فيهم أخبار نعمتي وتأمّلت من جاءني ، فإذا بينهما البقّال وعليه عمامة وسخة ، وجبّة قصيرة فلما رآني صاح : عبد الملك...!
فضحكت من حماقته ومخاطبته إيّاي بما كان يخاطبني به الرشيد ثم قلت له : يا هذا ، قد والله جاءتني كتبي بما هو خير من الجَزَره...!


من كتاب " الفرج بعد الشدة " للتنوخي

رقة انثى
08-22-2021, 12:33 PM
استمتعت بحروفك العطره
قصة جميلة
مودتي التي لا تفنى

جيفارا
08-22-2021, 08:39 PM
لحن الوفا

روعه

يسلمووووووووو

فنتآستكـ
08-23-2021, 03:17 PM
سلمت يداك.
سيظل قلمك علامة بارزة
على صفحات منتدانا

مشآعر
08-25-2021, 12:03 AM
رواية جميلة
سلمت وسلم قلمك

العهود
08-26-2021, 12:05 AM
مآأبهى السطور هنآ..
فـ كل مفردهـ هنآ سمفونيه كآمله
سلمت الانامل الخلاقة

دانتيل
09-03-2021, 03:25 PM
طرح أكثر من رائع
استمتعت بما طرحت
و نطمع بالمزيد من طروحاتك الجميله
شكري لك

احساس انثى
09-12-2021, 07:24 PM
يعطيك العافيه يالغلا
قصه رائعه راقت لي
بانتظار جديدك القادم بشوق

العهود
09-22-2021, 09:50 PM
تسلم يمينك على روعة طرحك

وآنتقآئك للمواضيع الراقية

عزة رجل
09-22-2021, 11:02 PM
قصه رائعه تجسد الطموح والتفاؤل

سلمت يداك لحن الوفا

سيدة الورد
10-03-2021, 11:39 PM
قصة مميزة

تسلم الايادي عالنقل الراقي

» عــطــر -♕
10-19-2021, 08:39 PM
تسلم آيدينك على روؤوعة طرحك وآنتقائك آلمميز
آلله يعطيك آلف عآفية وً عسسآكِ على آلقوة
في آنتظآر روآئع جديدك آلقآدم
دمت بسسعآدهـ...*